السيطرة الأمريكية على غزة- تهديد للسلام وحقوق الفلسطينيين

المؤلف: تساو شياو لين09.15.2025
السيطرة الأمريكية على غزة- تهديد للسلام وحقوق الفلسطينيين

الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الذي تصاعد بشكل مأساوي عقب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، خلف حتى الآن خسائر فادحة تجاوزت 48 ألف قتيل، وأكثر من 110 آلاف جريح، بالإضافة إلى تشريد قسري لما يزيد عن مليوني شخص في قطاع غزة المحاصر، مما يجعله، وبكل أسف، أكثر الصراعات دموية في منطقة الشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين.

على الرغم من أن الهدنة المؤقتة قد منحت بصيصًا من الأمل لسكان غزة الذين يعانون ويلات الحرب والدمار، فإن التصريحات المثيرة للقلق التي أدلى بها الرئيس الأميركي بشأن خطط "إخلاء غزة" و "السيطرة عليها" و "التملك طويل الأمد" و "التنمية الاقتصادية" تشكل عقبة جسيمة وتهديدًا حقيقيًا لجهود إعادة إعمار غزة المنكوبة.

مما لا شك فيه أن أميركا تتحمل المسؤولية الرئيسية عن إدامة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون التوصل إلى حل عادل وشامل. فوفقًا لتقرير موثق صادر عن جامعة براون الأميركية، قدمت أميركا مساعدات عسكرية ضخمة لإسرائيل بلغت ما لا يقل عن 17.9 مليار دولار أمريكي خلال عام واحد فقط من الصراع الدائر.

وفي خطوة أثارت استياءً واسعًا، أصدر البيت الأبيض في الرابع من فبراير/ شباط أمرًا تنفيذيًا بوقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ثم أعلن بعد ذلك بثلاثة أيام فقط، وتحديدًا في السابع من فبراير/ شباط، عن خطة طموحة لبيع أسلحة متطورة لإسرائيل بقيمة 7.4 مليارات دولار، مما يعكس مفارقة صارخة ويثير تساؤلات حول ازدواجية المعايير، حيث "يمكن قطع الإمدادات عن غزة المحاصرة، ولكن لا يمكن المساس بتزويد الحليف بالأسلحة الفتاكة".

لولا الدعم العسكري اللامحدود الذي تقدمه أميركا لإسرائيل، واستخدامها المتكرر لحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لعرقلة وقف إطلاق النار الفوري في غزة، لما تحولت غزة إلى "جحيم حقيقي على الأرض" يعاني فيه المدنيون الأبرياء أشد المعاناة.

إن التصريحات الأخيرة الصادرة عن الرئيس الأميركي بشأن "إخلاء غزة" و "استخدام الحق الأميركي للسيطرة على غزة" تعكس بكل وضوح عدم احترام الإدارة الأميركية لحقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته المشروعة في الحرية والاستقلال.

إن فكرة "السيطرة الأميركية على غزة" تمثل تهديدًا خطيرًا للسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بأسرها. فغزة هي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي ديار الشعب الفلسطيني الأصيل، وليست مجرد "قطعة أرض عقَارية كبيرة" قابلة للتداول، ولا ينبغي أن تكون ضحية للمصالح السياسية الدولية الضيقة.

إذا أقدمت أميركا على "السيطرة على غزة" وتنفيذ خطط تهجير السكان المحليين قسرًا، فإن ذلك سيشكل استيلاءً غير مشروع على حقوق الفلسطينيين، وانتهاكًا صارخًا لسيادة فلسطين، وتدميرًا ممنهجًا للقانون الدولي والنظام الدولي القائم على الاحترام المتبادل، مما سيؤدي حتمًا إلى تفاقم الصراع المزمن بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وإلى تراجع تاريخي في عملية السلام المتعثرة بينهما.

وقد أصدر العشرات من المقررين الخاصين لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة بيانًا مشتركًا يدين بشدة المقترح الأميركي "بالسيطرة على غزة"، مؤكدين بالإجماع أن ذلك سيدمر النظام الدولي الهش، ويقوض المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة، ويعيد العالم إلى حقبة الاستعمار البغيضة، ويؤدي إلى عواقب كارثية على السلام العالميّ وحقوق الإنسان الأساسية.

كل شخص لديه أدنى قدر من المعرفة بشؤون الشرق الأوسط يدرك تمام الإدراك أن هذه الخطة المقترحة خطيرة للغاية وستزيد الوضع تعقيدًا، كما أنها تكشف عن أن الجانب الأميركي لا يفهم على الإطلاق طبيعة الصراع وتداعياته. وفي 21 فبراير/ شباط، صرّح الرئيس الأميركي خلال مقابلة تلفزيونية بأنه لن يفرض هذا المقترح قسرًا، مما يشير بوضوح إلى أنه يعترف أيضًا بأن هذا المقترح غير قابل للتطبيق على أرض الواقع.

إن حل القضية الفلسطينية العادلة يتطلب الالتزام الصارم بمبادئ العدالة والإنصاف. فالقضية الفلسطينية هي مفتاح السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. ولا يمكن السماح باستمرار الظلم التاريخي الذي يرزح تحته الشعب الفلسطيني إلى أجل غير مسمى، ولا تجوز بأي حال من الأحوال المساومة على الحقوق الوطنية المشروعة، كما أن التطلعات المشروعة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة لا تقبل الرفض أو التأجيل.

لقد عانت غزة بما فيه الكفاية من الدمار الهائل الذي خلفته نيران الحرب، وبالتالي، ينبغي للمجتمع الدولي بأسره، وخاصة الدول الكبرى والنافذة، أن تعمل جنبًا إلى جنب لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة والمساهمة الفعالة في إعادة الإعمار في غزة في هذا الوقت العصيب، بدلًا من اتخاذ خطوات تزيد الوضع سوءًا وتعقيدًا.

إن أي حل عادل للقضية الفلسطينية يجب أن يحترم الإجماع العربي، وليس فرض ما يسمى "خطة إخلاء غزة" غير المعقولة وغير الأخلاقية وغير العادلة على الآخرين بالقوة والإكراه.

سيواصل الجانب الصيني لعب دور إيجابي وبناء في دفع عجلة حل القضية الفلسطينية. فالجانب الصيني يدعم دائمًا وبكل ثبات الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، ويرى دائمًا أن "حكم فلسطين من قبل الفلسطينيين" هو المبدأ الأساسي الذي لا بد من التمسك به في حكم غزة ما بعد الحرب، ويرفض بشدة التهجير القسري لسكان غزة، ويدعم التنفيذ المستمر والكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بمراحله الثلاث.

إن الصين، بصفتها العضو الدائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ودولة كبيرة ومسؤولة، ستواصل التزامها الراسخ بالعدالة والإنصاف، والعمل بتفانٍ مع المجتمع الدولي للسعي الحثيث إلى تعزيز السلام والمباحثات، وباعتماد "حل الدولتين" كحل نهائي وشامل، ودعم إقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة الكاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ودعم نيل فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وتقديم المساهمات الإيجابية الفعالة في تحقيق حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية في أسرع وقت ممكن.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة